الخلل في البروتين الذي يعمل بمثابة جهاز استشعار للدهون الغذائية من الممكن أن يتسبب في السمنة وأمراض الكبد, وهذا وفقاً لدراسة حديثة نشرت في مجلة "نيتشر" أجريت بواسطة باحثين في إمباير كولدج لندن الإنجليزية. وتبرز النتائج هدفاً واعداً لعقاقير تعالج السمنة وأمراض الكبد الناشئة عن سوء التمثيل الغذائي.
ووجد البروتين GPR120 على سطح خلايا القناة الهضمية والكبد والأنسجة الدهنية حيث يسمح للخلايا للكشف والاستجابة للأحماض الدهنية غير المشبعة في الغذاء, وبخاصة أحماض أوميجا-3 الدهنية التي يعتقد أن لها تأثيراً كبيراً على صحة الإنسان. حيث وجد العلماء أن الفئران التي تعاني من نقص في هذا البروتين أكثر عرضة للبدانة وأمراض الكبد حينما تتبع نظاماً غذائياً عال الدهن. كما وجدوا أن الأشخاص الذين لديهم خلل جيني مرتبط بهذا البروتين بحيث يعمل على إيقاف نشاط هذا البروتين عن الاستجابة لأحماض أوميجا-3, أكثر عرضة للسمنة.
ويعمل هذا البروتين على الارتباط بالأحماض الدهنية غير المشبعة في القناة الهضمية, وهذا بدوره يحفز إفراز الهرمونات التي تساعد على تقليل الشهية وتحفيز البنكرياس على إفراز الأنسولين. وحينما تشعر الخلايا الدهنية أن هناك مستويات عالية من الدهون في الدم عبر بروتين GPR120, فإنها تعمل على تحفيز تلك المستويات من الدهون للانقسام لإنتاج المزيد من الخلايا الدهنية لتخزين كل الدهون, وخفض مقدار الخطورة التي يمكن أن تسبب الكبد الدهني وانسداد الشرايين. وهذه الآلية يمكن أن تكون طريقة هامة لإحداث بعض التغيرات الصحية لأحماض أوميجا-3.
ووجد الباحثون أنه حينما تغذت الفئران على نظام غذائي عالي المحتوى الدهني, فإن الفئران التي تعاني من نقص بروتين GPR120 لم تصبح بدينة فقط, وإنما أصبح لديها الكبد الدهني, كما انخفض عدد الخلايا الدهنية لديها, بجانب زيادة مستوى السكر بالدم. ويعتقد الباحثون أن الفئران التي تعاني من نقص في هذا البروتين يجدون صعوبة في تخزين الدهون الزائدة في الأنسجة الدهنية. وتخزن أجسادهم الدهون في مناطق يمكن أن تسبب مشاكل صحية لهم, مثل تخزينها في الكبد أو العضلات أو جدران الشرايين. و يرتبط هذا الأمر في الإنسان بمرض السكر وأمراض القلب.
وشارك في الدراسة التي قادها العالم البريطاني "فليب فروجل" علماء من بريطانيا وفرنسا واليابان. ويقول الدكتور فروجل أن زيادة الوزن ليست دائماً مشكلة صحية إلا إذا لم يتمكن الجسم من إنشاء خلايا دهنية لتخزين الدهون الزائدة", ويضيف فروجل قائلاً "يبدو أن بعض الأشخاص غير قادرين على فعل هذا, وبدلاً من ذلك, فإن الدهون تترسب حول أعضائهم وهو الأمر الغير صحي بالمرة". ويؤكد أيضاً أن هذه الدراسة تشير إلى هذا الخلل الذي يحدث في هذا البروتين الذي يسبب مشاكل صحية إذا تم تناول غذاء عال الدهن في الفئران والإنسان على السواء. ويعتقد فروجل أن بروتين GPR120 يمكن أن يكون هدفاً مفيداً لعقاقير جديدة تعالج أمراض السمنة والكبد.
وحلل الباحثون الجين المرتبط ببروتين GPR120 في 6942 شخصاً بديناً و7654 لمجموعة القياس لاختبار ما إذا كان هناك اختلاف في الشفرة التي تحمل التعليمات لإنتاج هذا البروتين الذي يساهم نقصه في البدانة لدى الإنسان. حيث وجد الباحثون أن هناك خللاً في هذا البروتين يجعل هناك احتمال لإصابة الشخص بالسمنة بنسبة 60%. ويعتقد الباحثون أن هذا تأثير الخلل يحاكي تأثير إتباع نظام غذائي سيء يفتقر إلى أحماض أوميجا-3 الدهنية غير المشبعة.